بلاغات

بيان حول العنف السياسي

بــــــيــــان
إن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب؛وهي تقف مجددا على ظاهرة العنف السياسي الـ ُممارس ضد النساء خلال مختلف المراحل التي عرفها المسلسل الانتخابي، سواء خلال فترة تحضير المنظومة القانونية والتنظيمية المؤطرة للاستحقاقات، أو خلال مراحل الترشيحات والحملات الانتخابية أو بعد إعلان النتائج، حيث تم تسجيل العديد من الممارسات التي تتقاطع حول هدف واحد يتمثل في التعامل مع الناخبات على أنهن « خزان انتخابي »، واعتبار المرشحات منافسات « دون موجب حق »، بل وممارسة الضغط على المنتخبات الفائزات إما بحرمانهن من حقهن في الترشح للوظائف المتعلقة بتدبير المجالس المنت َخ َبة أو إقصائهن بأشكال متنوعة من
المساهمة الفعلية في تدبير الشأن العام.
و حيث أن هذه الممارسات التي تُعد في جوهرها عنفا سياسيا، يستهدف إبعاد النساء عن ممارسة حقوقهن الدستورية التي وردت في الفصل 19 من دستور 2011 الذي أنصف المرأة المغربية من خلال جعلها مساوية للرجل في التمتع بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ، لا يُمكن للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إلا أن تستنكرها وتُدينها بشدة، لما تمثله من حواجز وعراقيل تحول دون السير نحو ديمقراطية المناصفة.
وإذا كانت هذه الممارسات الـ ُمجسدة للعنف السياسي، غالبا ما يتم التعامل معها باستخفاف نتيجة عدم الوعي بخطورتها، فإن المنحنى التصاعدي لها يفرض دق ناقوس الخطر مرة أخرى، ولا أدل على ذلك ما نُتابعه حاليا بخصوص التداعيات التي أثارها نشر تسجيل « أوديو » لمكالمة هاتفية تتناول العلاقة الشخصية بين نائب برلماني ونائبة برلمانية، والذي يعكس التعامل
اللاأخلاقي مع المرشحات للاستحقاقات.
وإن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وهي تُسجل في البداية مختلف ردود الفعل المتنوعة حول هذه الواقعة التي توجد الآن أمام السلطة القضائية، والتي تملك، دون غيرها، الحق في البت في مدى صحة كل ما يرتبط بهذه القضية؛ وإعمالا لمبدأ الحق في المحاكمة العادلة، فإنها وهي تتابع عن كثب مجريات هذه القضية، تعتبر أننا أمام ظاهرة خطيرة، طالما نبهت إليها بخصوص التهجمات المكثفة على المكتسبات الحقوقية للنساء بصفة عامة، وعلى تمثيليتهن في
المؤسسات المنتخبة بصفة خاصة.
وبهذا الخصوص، فإن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، تؤكد ما يلي:
أولا: إن نساء المغرب، منذ بداية تحسين تمثيليتهن بالهيئات المنتخبة، بمختلف مستوياتها، وهن يتعرضن لهجوم غير مبرر، يستهدف النيل من حقوقهن، وذلك بالتشكيك في كفاءاتهن وقدرتهن على إدارة الشأن العام ببلادنا. ورغم المقتضيات المتقدمة للفصل 19 من الدستور، والتدابير التشريعية والتنظيمية التي تستهدف تطبيقه، والتي لا زالت لم ترق إلى تطلعات الحركات الحقوقية والنسائية عامة، الهادفة لتحقيق ديمقراطية المناصفة، فإن الملاحظ هو الهجوم الممنهج على المكتسبات التي حققتها نساء المغرب. وقد تجلى ذلك أساسا في
المواقف التي يتم ترويجها أساسا بخصوص مشاريع تعديل/ إصلاح مدونة الأسرة، والقانون الجنائي. وقد انتقل التهجم من مجال الأفكار والمواقف، إلى تهجمات شخصية، طالما نبهنا إليها من خلال فضح الممارسات التي كانت تتم في مواجهة المستشارات الجماعيات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى الطعن في كفاءة ومكانة برلمانيات يفترض أنهن يمثلن الأمة وفق مقتضيات الدستور. إن هذا الانتقال في مهاجمة المنت َخبات، من الجماعات الترابية إلى قبة البرلمان نفسه، دليل على توسع هذه الظاهرة السلبية، التي لا يمكن إلا أن نعتبرها عنفا
سياسيا.
ثانيا: إن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، التي ترافعت لمدة طويلة قصد إخراج قانون لمناهضة ومكافحة ومحاربة العنف ضد النساء، وناضلت من أجل توسيع مفهوم العنف حتى يستوعب جميع الحالات التي يمكن أن تتعرض لها النساء. ورغم المجهود التشريعي المتمثل في صدور القانون 103.13، فإن التطورات اللاحقة قد أبانت عن قصوره في الإحاطة بالعنف السياسي، الذي تعتبره الجمعية، بمثابة حاجز قوي، يقف أمام تطوير وتوسيع المكتسبات ذات الصلة بتمثيلية النساء وحقهن في الوصول إلى مراكز القرار. إن هذا الحاجز، ينبغي تكثيف الجهود قصد الحد من تأثيره وتداعياته، من خلال فتح نقاش موسع حول القانون 103.13 قصد ملاءمته
مع التطورات اللاحقة.
ثالثا: تغتنم الجمعية هذه المناسبة، لتأكيد مواقفها السابقة، القائمة على أساس ضرورة إعادة ا ل ن ظ ر ف ي ا ل م ن ظ و م ة ا ل ق ا ن و ن ي ة ا ل م ن ظ م ة ل لا س ت ح ق ا ق ا ت ا ل م ت ع ل ق ة ب ك ا ف ة ا ل ه ي ئ ا ت ا ل م ن ت َخ َب ة ف ي ا ت ج ا ه تطبيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء في كل هذه الهيئات، وهو ما من شأنه أن يُحقق قفزة نوعية لبلدنا ، وأن يجعل مسألة التواجد المكثف للمنت َخبات مسألة عادية، تتم تنفيذا لنص
دستوري ومقتضيات قانونية، وليس « منة » أو « هبة » من مسؤولي الأحزاب السياسية.
وعليه، تعتبر الجمعية أن حل إعادة النظر في المنظومة القانونية للحسم في تمثيلية النساء بصفة نهائية، ينبغي إحاطته بضمانات قانونية تكميلية، يكون على رأسها تجريم العنف السياسي، وحرمان ممارسيه من الترشح لأية انتدابات انتخابية.
02 أبريل 2024

Afficher plus

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page